الأربعاء، 4 مارس 2015

كيف هزمت التوحد !! ( قصة حقيقية لأم رئعة )





بقلم / ام عمر عضوة نفخر فيها بمجموعة مساندة التوحد التطوعية :

السلام عليكم ....
بالنسبة لسؤال الأمهات الغاليات عن علاج ابني عمر الله يحفظه وعيالكم فهذه لمحة موجزة عن تجربتي المتواضعة أسأل الله أن تجدوا فيها بعض الفائدة، وتعذرونا اذا كان هناك تقصير..
ابني تم تشخيصه بالتوحد من سن ثلاث سنوات ونصف، لكن الأعراض بدأت من سن السنة والنصف، كان قبل ذلك منذ الولادة وحتى 18 شهر طفل طبيعي تماما ، وينطق كلمات قليلة ولديه تواصل بصري جميل وتفاعل مع من حوله، لكن بعد ذلك فقد الكلمات والنطق والتفاعل وصارت لديه تحديات سلوكية حادة كثيرة يعرفها جميع من لديه اطفال لديهم اضطراب التوحد.
رحلة التشخيص كانت مؤلمة واستمرت لسنة كاملة - هذا ونحن في نقيم في بريطانيا ذلك الوقت للدراسة - المهم أن التشخيص الرسمي صدر وأبني عمره 3 سنوات ونصف وبدأت بعد ذلك رحلة البحث عن العلاج المناسب، خلال ذلك الوقت كله اخذت اجازة من دراستي وعكفت على دراسة حالة ابني بالاطلاع والبحث في المصادر العلمية والتخصصية الموثوق منها،
قمت بتوفيق الله بمراسلة العديد من الاخصائيين وقابلتهم، حضرت المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية وزرت المعاهد والمراكز والمدارس والمستشفيات ،جربنا معظم الاختيارات المتاحة هناك ومن ضمنها المراكز الخاصة باضطراب التوحد وبروتوكول DAN  المعتمد على تحاليل السموم والحساسية واتباع الحمية الغذائية الخالية من منتجات الجلوتين و الكازيين لشهور مع المكملات الغذائية الخ.
 
بعد سنة كاملة من التشخيص والبحث والتجربة توصلت بفضل الله إلى قناعة تامة بأن حالة ابني تحديدا تتطلب تدخل تأهيلي شامل وفق برنامج تدريب متكامل الجوانب السلوكية والنفسية والوظيفية والحسية والتواصل والنطق والتخاطب وغيرها من المهارات شرط أن يكون (المنزل) هو مركز هذا البرنامج الشامل المتكامل.
شرحت لزوجي ما توصلت إليه وجزاه الله كل خير اقتنع وساعدني وبتوفيق الله قمت بتحويل منزلي في بريطانيا إلى مركز مصغر، وقمنا بتكوين فريق عمل من الأخصائيين الذين يحتاجهم ابني يشرف عليهم استشاري بريطاني شهير لتعديل السلوك اسمه 
دانكن فينمور  Duncan fennmore
منهجية برنامجنا هي VB - ABA
(Verbal Behaviour - Applied Behaviour Analysis)
 
وهذا مدخل متطور من منهج العلاج السلوكي التطبيقي المعروف اختصارا ب ABA
أبعاد البرنامج العلاجي الخاص بابني كانت بسيطة لكن بها تفاصيل دقيقة كثيرة وتتطلب من الأبوين وخاصة الأم تنسيق عال ومهارة تنظيمية كبيرة لإدارة فريق العمل داخل المنزل ، والتخطيط للجلسات اليومية المكثفة ، ووضع الأهداف وتقييمها ومراجعتها وتعديلها، وتوفير الأدوات والمتطلبات الخاصة بكل مجموعة من الأهداف، ووضعها ضمن خطة أسبوعية والاتفاق مع الأخصائيين على الاستراتيجيات المناسبة للتطبيق، وتسجيل البيانات بالتوثيق والتصوير وإدارة ملفات العلاج وخاصة إحداثيات الجلسات، ومع الخطة الزمنية يتم وضع جدول للجلسات التدريبية وآخر لاجتماعات فريق العمل وثالث للميزانية والمتطلبات المادية للتدريب، ورابع لرواتب أعضاء الفريق وساعات عملهم..
أي باختصار قمت بتوفيق الله بعمل مشروع متكامل مخطط ودقيق مركزه المنزل نفسه حتى أستطيع الاطلاع على مجريات العلاج والتعلم بنفسي والعمل مع الأخصائيين يدا بيد والتحكم في الظروف المكانية والزمانية قدر الإمكان من أجل مزيد من التركيز والكفاءة في التطبيق
والله الذي لا إله إلا هو كانت رحلة عميقة زاخرة بالعمل والجهد الهائل والتضحيات والضغوط النفسية والاجتماعية بل والصحية كذلك (حيث تزامنت تلك الفترة مع ولادة ابنتي الصغيرة في بريطانيا بذات التوقيت) عدا عن متطلبات دراستي لمرحلة الدكتوراه واحتياجات المنزل والزوج وطفلين أكبر من عمر وتفاصيل نظامية يعيشها كل من أقام بالخارج بحكم القوانين الإجرائية التي تحكم كل شيء (وهي وان كانت تتطلب متابعة لكنها محترمة جدا وتنظم شؤون الناس).. الخلاصة هي ..
رحلة العلاج السلوكي القائم على التدخل من المنزل كمركز للعلاج أثمرت بفضل الله منذ الأسابيع الأولى للتطبيق الواعي الإيجابي المخطط له بتوفيق الله. استمر تطبيقها لبرنامج العلاج هذا سنتين في بريطانيا وسنتين في المملكة بعد عودتنا وحتى الآن،
اللهم لك الحمد والشكر والفضل كله التقدم مستمر بحول الله ونسأل الله أن يفرح كل أم بشفاء أطفالها العاجل والكامل ويبارك لنا جميعا فيهم دنيا وآخرة   .
هذه نبذة مختصرة جدا عن تجربتي المتواضعة لعلاج ابني عمر الله يحفظه وأبناءكم الغاليين جميعا ويفرحنا بهم في الدارين بإذنه سبحانه إنه هو السميع المجيب ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق